الفراغ الروحى والعاطفى
الروح التي تحيا بعيدة عن محبة الله، تعيش في فراغ، مهما كانت ألوان العواطف المقدمة لها.. كلها لا تشبعها...
وربما يوجد أشخاص لهم مشغوليات كثيرة تملأ كل وقتهم، ولهم مشروعات ضخمة يقومون بها، ومسئوليات خطيرة ملقاة على عواتقهم. وقد تكون لهم معلومات واسعة جداً، ولهم دراسات عميقة... ومع ذلك يعيشون في فراغ روحي! وكل ما يقومون به من عمل، لا يشبع الروح التي فيهم...
وقد يتعب هؤلاء في حياتهم، من أجل أهداف متعددة قد يحققون بعضها ولكن تبقى في قلوبهم رغبة لم تتحقق بعد، تشعرهم بأستمرار بفراغ أرواحهم. وهذه الرغبة لا تحققها إلا الصلة العميقة بالله، والثبات في محبته..
إنه لا ينفع الشخص شيئاً أن تمتلئ حياته بأمور كثيرة، دون أن يمتلئ قلبه بمحبة الله. فما أسهل أن يتحول الإنسان إلى ماكينة دائمة الدوران، بلا روح فيها. وعلى الرغم من هذا العمل الكثير، ينظر الله إلى هذا الإنسان فيجده فارغاً!! فيقول له. إن لك اسماً أنك حي، وأنت ميت!!
لذلك يا أخوتي الأحباء: إملأوا أرواحكم بمحبة الله ومعرفته. فأرواحكم تشعر بفراغ إن بعدت عن الله ومحبته ومعرفته..
وإن إمتلأتم، يمكنكم أن تفيضوا على الآخرين... فالحب الذي فيكم يمكنه أن يملأ قلوبهم حباً. والسلام الذي فيكم، يمكنه أن يملأ حياتهم سلاماً. وهكذا فإن الروح الذي يعيشون به، يقودهم إلى السلوك بالروح..
ما أجمل – بعد عمر طويل – حينما تصعد أرواحكم إلى الله، أن تصعد وهى ممتلئة حباً وفرحاً وسلاماً، مع كل ثمار الروح الآخرى.
إذن إملؤا أرواحكم بالغذاء الروحي، لكي تمتلئ من ثمار الروح... كالشجرة التي تقدم لها ما تحتاجه من الماء والسماد، فتقدّم هى لك ما تطلبه أنت من زهر وثمر.. أتشعر إذن أن روحك في فراغ، إملأها من كل وسائط النعمة. قدّم لها ما تحتاج هى إليه من القراءات والتأملات الروحية العميقة، وفي مقدمتها كلام ووصايا الله. زوّدها بصلوات وتسابيح ومزامير وتراتيل وأغانِ روحية، وكل ما يشبع الروح...
ولا تترك روحك فارغة أو معوزة شيئاً من أعمال النعمة.
وأعلم أن الروح القوية تنتج شخصية قوية، والروح الفارغة تنتج شخصية فارغة. وهذا ينقلنا إلى نوع آخر من الفراغ هو فراغ الشخصية..
فــراغ الشخصية
ما أصعب أن يشعر إنسان بأن شخصيته فارغة! لا قيمة لها في المجتمع الذي يعيش فيه، ولا ثمر لها، ولا تأثير!
قد يشعر الإنسان بهذا الشعور فيما بينه وبين نفسه. وقد يقع بهذا السبب في صغر النفس.. إذ يرى أنه لا عمق له ولا فكر، ولا معلومات، بل ولا شخصية، ولا قوة!
وقد يصاب بعقدة النقص، إذ يحاول أن يملأ نقصه بنقص آخر!! وبدلاً من أن يملأ فراغ شخصيته، فإنه يضيف إليها فراغاً آخر، يحاول به أن يغطي فراغه، بلا جدوى..!
فما مظاهر هذا العلاج الخاطئ؟
* إما أن هذا الشخص يحاول أن يعيش في الخيال وليس في الواقع! بأن يرضي نفسه بأحلام اليقظة حتى لا تشعر بفراغها. ولكن هذه الأحلام لا تننفعه...
لأنه يفيق من أحلام اليقظة على واقع مؤلم، لاتغيره الأحلام..
* وقد يحاول شخص آخر أن يعالج شعوره بالفراغ، بالثرثرة وكثرة الأحاديث، كما لو كان الكلام يُوجد له شخصية!وغالباً يسأم الناس من كلامه، ويرونه فارغاً.
* وربما يحاول أحدهم التغطية على فراغ شخصيته، بمدح ذاته أمام الناس! فيشرح الأعمال "العظيمة" التي قام بها! أو ينسب أعمال غيره إلى نفسه!! أو يحطم غيره إنتقاداً وتشهيراً، لكي يبدو هو في قمة المعرفة، وخارج دائرة النقد! أو يقاوم العاملين لأنه يتضايق من كونهم يعملون وهو لا يعمل!، أو يجلس في عظمة، ويغطي فراغه بالغنى والأناقة ومظاهر الكبرياء شكلاً وصوتاً!
ومثال ذلك أيضاً: المراة التي تغطي على فراغ شخصيتها بالزينة والتجمل والتحلي بالذهب والأحجار الكريمة..!
ليت المجتمع يستطيع أن يعالج هؤلاء الذين يشعرون بفراغ في الشخصية، بأن يوجد لهم ما يشغلهم، ويستغل طاقاتهم المعطلة إن كانت لهم طاقات يمكن الأستفادة بها.. وياليت كل إنسان يكتشف طاقاته، ويحاول أن يستغلها للخير.. والذي يشعر بفراغ شخصيته، عليه أن يملأها بطريقة سليمة، بدلاً من محاولة تغطيتها بطرق خاطئة..
وعلى كل إنسان في كل يوم أن يجاهد في أن يعمل أي عمل مفيد: ليس لكي يشعر بالإمتلاء، وإنما حباً في الخير وفى الناس، وحينئذ سيشعر بالإمتلاء دون أن يسعى إلى ذلك. وليت كل أحد يكون له هدف كبير يسعى إليه، ويبذل كل طاقاته لتحقيقه. فإن العمل في ذلك ينقذه من الشعور بالفراغ.. وعلى ذلك فإن الطموح يكون علاجاً للشعور بالفراغ إن سلك عملياً للوصول إليه.
الفــراغ العاطفي
وهذا الفراغ على نوعين:
* أحدهما حالة إنسان يشعر أن له قلباً كبيراً، ولا يجد من يملأ قلبه.. فهو يريد أن يوزع محبته، ولا يعرف إلى من؟ فيشعر بفراغ في قلبه من جهة الإعطاء.
وهذا النوع يمكن أن ينحرف، إذ ركزّ محبته في شخصية معينة وأحبها بطريقة خاطئة. على أنه يريحه توزيع عاطفته في المجال الإجتماعي، مثل إدخال السعادة إلى قلوب اليتامى، والأطفال، والمعوزين والفقراء، والمرضى والمعوقين، والعمل الجاد في حل مشاكل الناس.
* والنوع الثاني من الشاعرين بالفراغ العاطفي، هم الذين يشعرون أنهم في حاجة إلى من يحبهم ويحنو عليهم، ولا يجدونه..
ومثال ذلك: إبنه تعيش في بيت بعيد عن الحب: مع أب حازم جداً، وشديد في معاملته، كثير التوبيخ، كثير العقاب.. ومعه أم قاسية، لا تجد الإبنة منها حناناً على الإطلاق... فربما هذه الإبنة – وهى في هذا الفراغ العاطفي... تجد من يقدم لها الحب، ولو بطريقة خاطئة، فتقبل ذلك، بل وتُقبِل عليه، لأنها في حاجة إلى قلب، أي قلب!!
نعم، ما أكثر ما تنحرف البنات اللائي لا يجدن حناناً وحباً من الوالدين والأسرة.
ونحن إذ ننصح الآباء والأمهات بمحبة أبنائهم وبناتهم، حماية لهم من الإنحراف، إنما في نفس الوقت نحث الأبناء والبنات بالبحث عن الحب والحنان بطريقة سليمة طاهرة. ولابد سيجدون ذلك بطريقة الإعطاء أو الأخذ.. والذي يعطي حناناً وحباً مقدساً لغيره، سيأخذ في نفس الوقت من الحب والحنان أكثر مما يعطى... المهم أن القلب يمتلئ بالعاطفة، سواء كان معطياً أو آخذاً... وحالة الإعطاء هى في نفس الوقت حالة أخذ...
م
ن
قو
ل
الروح التي تحيا بعيدة عن محبة الله، تعيش في فراغ، مهما كانت ألوان العواطف المقدمة لها.. كلها لا تشبعها...
وربما يوجد أشخاص لهم مشغوليات كثيرة تملأ كل وقتهم، ولهم مشروعات ضخمة يقومون بها، ومسئوليات خطيرة ملقاة على عواتقهم. وقد تكون لهم معلومات واسعة جداً، ولهم دراسات عميقة... ومع ذلك يعيشون في فراغ روحي! وكل ما يقومون به من عمل، لا يشبع الروح التي فيهم...
وقد يتعب هؤلاء في حياتهم، من أجل أهداف متعددة قد يحققون بعضها ولكن تبقى في قلوبهم رغبة لم تتحقق بعد، تشعرهم بأستمرار بفراغ أرواحهم. وهذه الرغبة لا تحققها إلا الصلة العميقة بالله، والثبات في محبته..
إنه لا ينفع الشخص شيئاً أن تمتلئ حياته بأمور كثيرة، دون أن يمتلئ قلبه بمحبة الله. فما أسهل أن يتحول الإنسان إلى ماكينة دائمة الدوران، بلا روح فيها. وعلى الرغم من هذا العمل الكثير، ينظر الله إلى هذا الإنسان فيجده فارغاً!! فيقول له. إن لك اسماً أنك حي، وأنت ميت!!
لذلك يا أخوتي الأحباء: إملأوا أرواحكم بمحبة الله ومعرفته. فأرواحكم تشعر بفراغ إن بعدت عن الله ومحبته ومعرفته..
وإن إمتلأتم، يمكنكم أن تفيضوا على الآخرين... فالحب الذي فيكم يمكنه أن يملأ قلوبهم حباً. والسلام الذي فيكم، يمكنه أن يملأ حياتهم سلاماً. وهكذا فإن الروح الذي يعيشون به، يقودهم إلى السلوك بالروح..
ما أجمل – بعد عمر طويل – حينما تصعد أرواحكم إلى الله، أن تصعد وهى ممتلئة حباً وفرحاً وسلاماً، مع كل ثمار الروح الآخرى.
إذن إملؤا أرواحكم بالغذاء الروحي، لكي تمتلئ من ثمار الروح... كالشجرة التي تقدم لها ما تحتاجه من الماء والسماد، فتقدّم هى لك ما تطلبه أنت من زهر وثمر.. أتشعر إذن أن روحك في فراغ، إملأها من كل وسائط النعمة. قدّم لها ما تحتاج هى إليه من القراءات والتأملات الروحية العميقة، وفي مقدمتها كلام ووصايا الله. زوّدها بصلوات وتسابيح ومزامير وتراتيل وأغانِ روحية، وكل ما يشبع الروح...
ولا تترك روحك فارغة أو معوزة شيئاً من أعمال النعمة.
وأعلم أن الروح القوية تنتج شخصية قوية، والروح الفارغة تنتج شخصية فارغة. وهذا ينقلنا إلى نوع آخر من الفراغ هو فراغ الشخصية..
فــراغ الشخصية
ما أصعب أن يشعر إنسان بأن شخصيته فارغة! لا قيمة لها في المجتمع الذي يعيش فيه، ولا ثمر لها، ولا تأثير!
قد يشعر الإنسان بهذا الشعور فيما بينه وبين نفسه. وقد يقع بهذا السبب في صغر النفس.. إذ يرى أنه لا عمق له ولا فكر، ولا معلومات، بل ولا شخصية، ولا قوة!
وقد يصاب بعقدة النقص، إذ يحاول أن يملأ نقصه بنقص آخر!! وبدلاً من أن يملأ فراغ شخصيته، فإنه يضيف إليها فراغاً آخر، يحاول به أن يغطي فراغه، بلا جدوى..!
فما مظاهر هذا العلاج الخاطئ؟
* إما أن هذا الشخص يحاول أن يعيش في الخيال وليس في الواقع! بأن يرضي نفسه بأحلام اليقظة حتى لا تشعر بفراغها. ولكن هذه الأحلام لا تننفعه...
لأنه يفيق من أحلام اليقظة على واقع مؤلم، لاتغيره الأحلام..
* وقد يحاول شخص آخر أن يعالج شعوره بالفراغ، بالثرثرة وكثرة الأحاديث، كما لو كان الكلام يُوجد له شخصية!وغالباً يسأم الناس من كلامه، ويرونه فارغاً.
* وربما يحاول أحدهم التغطية على فراغ شخصيته، بمدح ذاته أمام الناس! فيشرح الأعمال "العظيمة" التي قام بها! أو ينسب أعمال غيره إلى نفسه!! أو يحطم غيره إنتقاداً وتشهيراً، لكي يبدو هو في قمة المعرفة، وخارج دائرة النقد! أو يقاوم العاملين لأنه يتضايق من كونهم يعملون وهو لا يعمل!، أو يجلس في عظمة، ويغطي فراغه بالغنى والأناقة ومظاهر الكبرياء شكلاً وصوتاً!
ومثال ذلك أيضاً: المراة التي تغطي على فراغ شخصيتها بالزينة والتجمل والتحلي بالذهب والأحجار الكريمة..!
ليت المجتمع يستطيع أن يعالج هؤلاء الذين يشعرون بفراغ في الشخصية، بأن يوجد لهم ما يشغلهم، ويستغل طاقاتهم المعطلة إن كانت لهم طاقات يمكن الأستفادة بها.. وياليت كل إنسان يكتشف طاقاته، ويحاول أن يستغلها للخير.. والذي يشعر بفراغ شخصيته، عليه أن يملأها بطريقة سليمة، بدلاً من محاولة تغطيتها بطرق خاطئة..
وعلى كل إنسان في كل يوم أن يجاهد في أن يعمل أي عمل مفيد: ليس لكي يشعر بالإمتلاء، وإنما حباً في الخير وفى الناس، وحينئذ سيشعر بالإمتلاء دون أن يسعى إلى ذلك. وليت كل أحد يكون له هدف كبير يسعى إليه، ويبذل كل طاقاته لتحقيقه. فإن العمل في ذلك ينقذه من الشعور بالفراغ.. وعلى ذلك فإن الطموح يكون علاجاً للشعور بالفراغ إن سلك عملياً للوصول إليه.
الفــراغ العاطفي
وهذا الفراغ على نوعين:
* أحدهما حالة إنسان يشعر أن له قلباً كبيراً، ولا يجد من يملأ قلبه.. فهو يريد أن يوزع محبته، ولا يعرف إلى من؟ فيشعر بفراغ في قلبه من جهة الإعطاء.
وهذا النوع يمكن أن ينحرف، إذ ركزّ محبته في شخصية معينة وأحبها بطريقة خاطئة. على أنه يريحه توزيع عاطفته في المجال الإجتماعي، مثل إدخال السعادة إلى قلوب اليتامى، والأطفال، والمعوزين والفقراء، والمرضى والمعوقين، والعمل الجاد في حل مشاكل الناس.
* والنوع الثاني من الشاعرين بالفراغ العاطفي، هم الذين يشعرون أنهم في حاجة إلى من يحبهم ويحنو عليهم، ولا يجدونه..
ومثال ذلك: إبنه تعيش في بيت بعيد عن الحب: مع أب حازم جداً، وشديد في معاملته، كثير التوبيخ، كثير العقاب.. ومعه أم قاسية، لا تجد الإبنة منها حناناً على الإطلاق... فربما هذه الإبنة – وهى في هذا الفراغ العاطفي... تجد من يقدم لها الحب، ولو بطريقة خاطئة، فتقبل ذلك، بل وتُقبِل عليه، لأنها في حاجة إلى قلب، أي قلب!!
نعم، ما أكثر ما تنحرف البنات اللائي لا يجدن حناناً وحباً من الوالدين والأسرة.
ونحن إذ ننصح الآباء والأمهات بمحبة أبنائهم وبناتهم، حماية لهم من الإنحراف، إنما في نفس الوقت نحث الأبناء والبنات بالبحث عن الحب والحنان بطريقة سليمة طاهرة. ولابد سيجدون ذلك بطريقة الإعطاء أو الأخذ.. والذي يعطي حناناً وحباً مقدساً لغيره، سيأخذ في نفس الوقت من الحب والحنان أكثر مما يعطى... المهم أن القلب يمتلئ بالعاطفة، سواء كان معطياً أو آخذاً... وحالة الإعطاء هى في نفس الوقت حالة أخذ...
م
ن
قو
ل